كتاب: تحفة المحتاج بشرح المنهاج

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تحفة المحتاج بشرح المنهاج



(وَيُضْجَعُ) نَدْبًا (الْمُحْتَضَرُ) وَهُوَ مَنْ حَضَرَهُ الْمَوْتُ (لِجَنْبِهِ الْأَيْمَنِ) فَالْأَيْسَرِ (إلَى الْقِبْلَةِ عَلَى الصَّحِيحِ) كَمَا فِي اللَّحْدِ وَلِأَنَّ الْقِبْلَةَ أَشْرَفُ الْجِهَاتِ.
قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: وَالْعَمَلُ عَلَى الْمُقَابِلِ أَيْ الْمُوَافِقِ لِلْمَذْكُورِ فِي قَوْلِهِ (فَإِنْ تَعَذَّرَ) أَيْ تَعَسَّرَ ذَلِكَ (لِضِيقِ مَكَان وَنَحْوِهِ) كَعِلَّةٍ بِجَنْبَيْهِ (أُلْقِيَ عَلَى قَفَاهُ وَوَجْهُهُ وَأَخْمَصَاهُ) بِفَتْحِ الْمِيمِ أَشْهَرُ مِنْ ضَمِّهَا وَكَسْرِهَا وَهُمَا الْمُنْخَفِضُ مِنْ الرِّجْلَيْنِ وَالْمُرَادُ جَمِيعُ أَسْفَلِهِمَا (لِلْقِبْلَةِ) لِأَنَّهُ الْمُمْكِنُ وَيُرْفَعُ رَأْسُهُ لِيَتَوَجَّهَ وَجْهُهُ لِلْقِبْلَةِ.
الشَّرْحُ:
(قَوْلُهُ: لِيَتَوَجَّهَ وَجْهُهُ لِلْقِبْلَةِ) ظَاهِرُهُ عَدَمُ اعْتِبَارِ تَوَجُّهِ الصَّدْرِ وَعَلَى هَذَا فَهَلْ يَجْرِي ذَلِكَ فِي الِاضْطِجَاعِ لِلْجَنْبِ فَيُعْتَبَرَ التَّوَجُّهُ بِالْوَجْهِ دُونَ الصَّدْرِ فِيهِ نَظَرٌ وَحَيْثُ قُلْنَا لَا يُعْتَبَرُ الصَّدْرُ فَهَلْ يَكْفِي عَنْ الْوَجْهِ فِيهِ نَظَرٌ فَلْيُحَرَّرْ.
(قَوْلُهُ: وَهُوَ مَنْ حَضَرَهُ الْمَوْتُ) أَيْ وَلَمْ يَمُتْ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي.
(قَوْلُهُ: فَالْأَيْسَرِ) أَيْ لِأَنَّهُ أَبْلَغُ فِي التَّوَجُّهِ مِنْ اسْتِلْقَائِهِ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي قَوْلُ الْمَتْنِ: (إلَى الْقِبْلَةِ) أَيْ نَدْبًا أَيْضًا (وَقَوْلُهُ: عَلَى الصَّحِيحِ) رَاجِعٌ لِلِاضْطِجَاعِ وَمُقَابِلُهُ أَنَّ الِاسْتِلْقَاءَ أَفْضَلُ فَإِنْ تَعَذَّرَ أُضْجِعَ عَلَى الْأَيْمَنِ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي.
(قَوْلُهُ: كَمَا فِي اللَّحْدِ) رَاجِعٌ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ لِجَنْبِهِ الْأَيْمَنِ (وَقَوْلُهُ: وَلِأَنَّ إلَخْ) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ إلَى الْقِبْلَةِ.
(قَوْلُهُ: عَلَى الْمُقَابِلِ) أَيْ مُقَابِلِ الصَّحِيحِ وَتَقَدَّمَ بَيَانُهُ وَبِذَلِكَ يُعْلَمُ أَنَّ قَوْلَ الشَّارِحِ الْمَذْكُورَ فِي قَوْلِهِ إلَخْ أَيْ فِي ضِمْنِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فَإِنْ تَعَذَّرَ إلَخْ وَهُوَ قَوْلُهُ: أُلْقِيَ عَلَى قَفَاهُ إلَخْ بِقَطْعِ النَّظَرِ عَنْ تَفْرِيعِهِ عَلَى التَّعَذُّرِ.
(قَوْلُهُ: ذَلِكَ) أَيْ وَضْعُهُ عَلَى الْأَيْسَرِ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي.
(قَوْلُهُ: كَعِلَّةٍ) إلَى قَوْلِ الْمَتْنِ وَيَقْرَأُ فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ بِفَتْحِ الْمِيمِ إلَى وَهُمَا وَقَوْلُهُ: أَيْ مَعَ إلَى وَقَوْلُ جَمْعٍ وَقَوْلُهُ: وَإِنَّمَا الْقَصْدُ إلَى وَبِحَيْثُ وَقَوْلُهُ: مَعَ لَفْظِ إلَى إذْ لَا يَصِيرُ وَقَوْلُهُ: وَإِلَّا إلَى وَأَنْ يُعِيدَهُ وَكَذَا فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ وَبَحَثَ إلَى أَمَّا الْكَافِرُ وَقَوْلُهُ: وَلَوْ بِذِكْرٍ.
(قَوْلُهُ: بِفَتْحِ الْمِيمِ إلَخْ) قَالَ فِي الْإِيعَابِ وَبِتَثْلِيثِ الْهَمْزَةِ أَيْضًا ع ش.
(قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ الْمُمْكِنُ) عِلَّةٌ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ فَإِنْ تَعَذَّرَ إلَخْ.
(قَوْلُهُ: وَيُرْفَعُ رَأْسُهُ) أَيْ قَلِيلًا نِهَايَةٌ زَادَ الْمُغْنِي كَأَنْ يُوضَعَ تَحْتَ رَأْسِهِ مُرْتَفِعٌ. اهـ.
(قَوْلُهُ: لِيَتَوَجَّهَ وَجْهُهُ إلَخْ) ظَاهِرُهُ عَدَمُ اعْتِبَارِ تَوَجُّهِ الصَّدْرِ سم أَيْ كَمَا يُفِيدُهُ تَقْيِيدُهُمْ رَفْعَ الرَّأْسِ بِقَلِيلًا.
(وَيُلَقَّنُ) نَدْبًا الْمُحْتَضَرُ وَلَوْ مُمَيِّزًا عَلَى الْأَوْجَهِ لِيَحْصُلَ لَهُ الثَّوَابُ الْآتِي وَبِهِ فَارَقَ عَدَمَ تَلْقِينِهِ فِي الْقَبْرِ لَا مِنْهُ مِنْ السُّؤَالِ (الشَّهَادَةَ) أَيْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ فَقَطْ لِخَبَرِ مُسْلِمٍ «لَقِّنُوا مَوْتَاكُمْ- أَيْ مَنْ حَضَرَهُ الْمَوْتُ- لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ» مَعَ الْخَبَرِ الصَّحِيحِ: «مَنْ كَانَ آخِرُ كَلَامِهِ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ دَخَلَ الْجَنَّةَ» أَيْ مَعَ الْفَائِزِينَ وَإِلَّا فَكُلُّ مُسْلِمٍ وَلَوْ فَاسِقًا يَدْخُلُهَا وَلَوْ بَعْدَ عَذَابٍ وَإِنْ طَالَ خِلَافًا لِكَثِيرٍ مِنْ فِرَقِ الضَّلَالِ كَالْمُعْتَزِلَةِ وَالْخَوَارِجِ.
وَقَوْلُ جَمْعٍ: يُلَقَّنُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ أَيْضًا لِأَنَّ الْقَصْدَ مَوْتُهُ عَلَى الْإِسْلَامِ وَلَا يُسَمَّى مُسْلِمًا إلَّا بِهِمَا مَرْدُودٌ بِأَنَّهُ مُسْلِمٌ وَإِنَّمَا الْقَصْدُ خَتْمُ كَلَامِهِ بِلَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ لِيَحْصُلَ لَهُ ذَلِكَ الثَّوَابُ وَبَحْثُ تَلْقِينِهِ الرَّفِيقَ الْأَعْلَى لِأَنَّهُ آخِرُ مَا تَكَلَّمَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرْدُودٌ بِأَنَّ ذَلِكَ لِسَبَبٍ لَمْ يُوجَدْ فِي غَيْرِهِ وَهُوَ أَنَّ اللَّهَ خَيَّرَهُ فَاخْتَارَهُ أَمَّا الْكَافِرُ فَيُلَقَّنُهُمَا قَطْعًا مَعَ لَفْظِ أَشْهَدُ لِوُجُوبِهِ أَيْضًا عَلَى مَا سَيَأْتِي فِيهِ إذْ لَا يَصِيرُ مُسْلِمًا إلَّا بِهِمَا وَيَنْبَغِي كَمَا قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ تَقْدِيمُ التَّلْقِينِ عَلَى الِاضْطِجَاعِ السَّابِقِ إنْ لَمْ يُمْكِنْ فِعْلُهُمَا مَعًا لِأَنَّ النَّقْلَ فِيهِ أَثْبَتُ وَلِعَظِيمِ فَائِدَتِهِ وَلِئَلَّا يَحْصُلَ الزُّهُوقُ إنْ اشْتَغَلَ بِالِاضْطِجَاعِ وَيُسَنُّ أَنْ يَكُونَ مَرَّةً فَقَطْ و(بِلَا إلْحَاحٍ) عَلَيْهِ لِئَلَّا يَضْجَرَ فَيَتَكَلَّمَ بِمَا لَا يَنْبَغِي لِشِدَّةِ مَا يُقَاسِي حِينَئِذٍ وَأَنْ لَا يُقَالَ لَهُ: قُلْ بَلْ يَذْكُرُ الْكَلِمَةَ عِنْدَهُ لِيَتَذَكَّرَ فَيَذْكُرَ فَإِنْ ذَكَرَهَا وَإِلَّا سَكَتَ يَسِيرًا ثُمَّ يُعِيدُهَا فِيمَا يَظْهَرُ وَأَنْ يُعِيدَهُ إذَا تَكَلَّمَ وَلَوْ بِذِكْرٍ لِيَكُونَ آخِرُ كَلَامِهِ الشَّهَادَةَ وَلْيَكُنْ غَيْرَ مُتَّهَمٍ لِنَحْوِ عَدَاوَةٍ أَوْ إرْثٍ إنْ كَانَ ثَمَّ غَيْرُهُ فَإِنْ حَضَرَ عَدُوٌّ وَوَارِثٌ فَالْوَارِثُ لِأَنَّهُ أَشْفَقُ لِقَوْلِهِمْ لَوْ حَضَرَ وَرَثَةٌ قُدِّمَ أَشْفَقُهُمْ (وَيُقْرَأُ) نَدْبًا (عِنْدَهُ يس) لِلْخَبَرِ الصَّحِيحِ: «اقْرَءُوا عَلَى مَوْتَاكُمْ يس» أَيْ مَنْ حَضَرَهُ الْمَوْتُ لِأَنَّ الْمَيِّتَ لَا يُقْرَأُ عَلَيْهِ.
وَأَخَذَ ابْنُ الرِّفْعَةِ بِقَضِيَّتِهِ وَهُوَ أَوْجَهُ فِي الْمَعْنَى إذْ لَا صَارِفَ عَنْ ظَاهِرِهِ وَكَوْنُ الْمَيِّتِ لَا يُقْرَأُ عَلَيْهِ مَمْنُوعٌ لِبَقَاءِ إدْرَاكِ رُوحِهِ فَهُوَ بِالنِّسْبَةِ لِسَمَاعِ الْقُرْآنِ وَحُصُولِ بَرَكَتِهِ لَهُ كَالْحَيِّ وَإِذَا صَحَّ السَّلَامُ عَلَيْهِ فَالْقِرَاءَةُ عَلَيْهِ أَوْلَى.
وَقَدْ صَرَّحُوا بِأَنَّهُ يُنْدَبُ لِلزَّائِرِ وَالْمُشَيِّعِ قِرَاءَةُ شَيْءٍ مِنْ الْقُرْآنِ نَعَمْ يُؤَيِّدُ الْأَوَّلَ مَا فِي خَبَرٍ غَرِيبٍ «مَا مِنْ مَرِيضٍ يُقْرَأُ عِنْدَهُ يس إلَّا مَاتَ رَيَّانًا وَأُدْخِلَ قَبْرَهُ رَيَّانًا» وَالْحِكْمَةُ فِي يس اشْتِمَالُهَا عَلَى أَحْوَالِ الْقِيَامَةِ وَأَهْوَالِهَا وَتَغَيُّرِ الدُّنْيَا وَزَوَالِهَا وَنَعِيمِ الْجَنَّةِ وَعَذَابِ جَهَنَّمَ فَيَتَذَكَّرُ بِقِرَاءَتِهَا تِلْكَ الْأَحْوَالَ الْمُوجِبَةَ لِلثَّبَاتِ قِيلَ: وَالرَّعْدُ لِأَنَّهَا تُسَهِّلُ طُلُوعَ الرُّوحِ وَيُجَرَّعُ الْمَاءَ نَدْبًا بَلْ وُجُوبًا فِيمَا يَظْهَرُ إنْ ظَهَرَتْ أَمَارَةٌ تَدُلُّ عَلَى احْتِيَاجِهِ لَهُ كَأَنْ يَهَشَّ إذَا فُعِلَ بِهِ ذَلِكَ لِأَنَّ الْعَطَشَ يَغْلِبُ حِينَئِذٍ لِشِدَّةِ النَّزْعِ وَلِذَلِكَ يَأْتِي الشَّيْطَانُ- كَمَا وَرَدَ- بِمَاءٍ زُلَالٍ وَيَقُولُ: قُلْ لَا إلَهَ غَيْرِي حَتَّى أَسْقِيَك قِيلَ: وَيَحْرُمُ حُضُورُ الْحَائِضِ عِنْدَهُ وَيَأْتِي فِي الْمَسَائِلِ الْمَنْثُورَةِ مَا يَرُدُّهُ (وَلْيُحْسِنْ) نَدْبًا الْمُحْتَضَرُ وَكَذَا الْمَرِيضُ وَإِنْ لَمْ يَصِلْ إلَى حَالَةِ الِاحْتِضَارِ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ (ظَنَّهُ بِرَبِّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى) أَيْ يَظُنَّ أَنَّهُ يَغْفِرُ لَهُ وَيَرْحَمُهُ لِلْخَبَرِ الصَّحِيحِ: «أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي فَلَا يَظُنَّ بِي إلَّا خَيْرًا» وَصَحَّ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبْلَ مَوْتِهِ بِثَلَاثٍ «لَا يَمُوتَنَّ أَحَدُكُمْ إلَّا وَهُوَ يُحْسِنُ الظَّنَّ بِاَللَّهِ» وَيُسَنُّ لَهُ عِنْدَهُ تَحْسِينُ ظَنِّهِ وَتَطْمِيعُهُ فِي رَحْمَةِ رَبِّهِ وَبَحَثَ الْأَذْرَعِيُّ وُجُوبَهُ إذَا رَأَوْا مِنْهُ أَمَارَةَ الْيَأْسِ وَالْقُنُوطِ لِئَلَّا يَمُوتَ عَلَى ذَلِكَ فَيَهْلِكَ فَهُوَ مِنْ النَّصِيحَةِ الْوَاجِبَةِ وَإِنَّمَا يَأْتِي عَلَى وُجُوبِ اسْتِتَابَةِ تَارِكِ الصَّلَاةِ فَعَلَى نَدْبِهَا السَّابِقِ يُنْدَبُ هَذَا إلَّا أَنْ يُفَرَّقَ بِأَنَّ تَقْصِيرَ ذَاكَ أَشَدُّ وَبِأَنَّ مَا هُنَا يُؤَدِّي إلَى الْكُفْرِ بِخِلَافِ ذَاكَ.
الشَّرْحُ:
(قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ: وَيُلَقَّنُ إلَخْ) فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ وَكَلَامُهُمْ يَشْمَلُ الصَّبِيَّ وَالْمَجْنُونَ فَيُسَنُّ تَلْقِينُهُمَا وَهُوَ قَرِيبٌ فِي الْمُمَيِّزِ. اهـ.
وَانْظُرْ لَوْ كَانَ نَبِيًّا وَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ لَا مَحْذُورَ مِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى.
(قَوْلُهُ: أَيْ مَعَ الْفَائِزِينَ) يَحْتَمِلُ أَنَّ ذَلِكَ بِشَرْطِ التَّوْبَةِ قَبْلَ مَوْتِهِ فِيمَا إذَا احْتَاجَ إلَى التَّوْبَةِ وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ أَعَمُّ وَلَا مَانِعَ مِنْ أَنْ يَحْصُلَ هَذَا الْفَضْلُ لِمَنْ قَالَ ذَلِكَ وَإِنْ مَاتَ عَاصِيًا لَكِنَّ ذَلِكَ لَا يَخْلُو عَنْ بُعْدٍ.
(قَوْلُهُ: وَأَخَذَ ابْنُ الرِّفْعَةِ بِقَضِيَّتِهِ) أَيْ حَمَلَهُ عَلَى ظَاهِرِهِ (قَوْلُهُ: وَكَذَا الْمَرِيضُ وَإِنْ لَمْ يَصِلْ إلَى حَالَةِ الِاحْتِضَارِ إلَخْ) اعْتَمَدَهُ م ر وَعِبَارَتُهُ فِي شَرْحِهِ أَمَّا الْمَرِيضُ غَيْرُ الْمُحْتَضَرِ فَالْمُعْتَمَدُ فِيهِ أَنَّهُ كَالْمُحْتَضَرِ فَيَكُونُ رَجَاؤُهُ أَغْلَبَ مِنْ خَوْفِهِ كَمَا مَرَّ وَالظَّنُّ يَنْقَسِمُ فِي الشَّرْعِ إلَى وَاجِبٍ وَمَنْدُوبٍ وَحَرَامٍ وَمُبَاحٍ فَالْوَاجِبُ حُسْنُ الظَّنِّ بِاَللَّهِ تَعَالَى وَالْحَرَامُ سُوءُ الظَّنِّ بِاَللَّهِ تَعَالَى وَبِكُلِّ مَنْ ظَاهِرُهُ الْعَدَالَةُ لِلْمُسْلِمِينَ وَالْمُبَاحُ سُوءُ الظَّنِّ بِمَنْ اُشْتُهِرَ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ بِمُخَالَطَةِ الرِّيَبِ وَالتَّظَاهُرِ بِالْخَبَائِثِ فَلَا يَحْرُمُ ظَنُّ السُّوءِ بِهِ لِأَنَّهُ قَدْ دَلَّ عَلَى نَفْسِهِ كَمَا أَنَّ مَنْ سَتَرَ عَلَى نَفْسِهِ لَمْ يُظَنَّ بِهِ إلَّا خَيْرٌ وَمَنْ دَخَلَ مَدْخَلَ السُّوءِ اُتُّهِمَ وَمَنْ هَتَكَ نَفْسَهُ ظَنَنَّا بِهِ السُّوءَ وَمِنْ الظَّنِّ الْجَائِزِ بِإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ مَا يَظُنُّ الشَّاهِدَانِ فِي التَّقْوِيمِ وَأُرُوشِ الْجِنَايَاتِ وَمَا يَحْصُلُ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ فِي الْأَحْكَامِ بِالْإِجْمَاعِ وَيَجِبُ الْعَمَلُ بِهِ قَطْعًا، وَالْبَيِّنَاتُ عِنْدَ الْحُكَّامِ انْتَهَتْ.
(قَوْلُهُ: وَبِأَنَّ مَا هُنَا يُؤَدِّي إلَى الْكُفْرِ) اعْلَمْ أَنَّهُ تَقَرَّرَ عِنْدَنَا أَنَّ كُلًّا مِنْ يَأْسِ الرَّحْمَةِ وَأَمْنِ الْمَكْرِ مِنْ الْكَبَائِرِ قَالَ الْكَمَالُ فِي حَاشِيَةِ جَمْعِ الْجَوَامِعِ فِي عَقَائِدِ الْحَنَفِيَّةِ: إنَّ الْيَأْسَ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ تَعَالَى كُفْرٌ وَإِنَّ الْأَمْنَ مِنْ مَكْرِ اللَّهِ تَعَالَى كُفْرٌ فَإِنْ أَرَادُوا الْيَأْسَ لِإِنْكَارِ سَعَةِ الرَّحْمَةِ الذُّنُوبَ وَالْأَمْنَ الِاعْتِقَادَ أَنْ لَا مَكْرَ فَكُلٌّ مِنْهُمَا كُفْرٌ وِفَاقًا لِأَنَّهُ رَدٌّ لِلْقُرْآنِ وَإِنْ أَرَادُوا أَنَّ مَنْ اسْتَعْظَمَ ذُنُوبَهُ فَاسْتَبْعَدَ الْعَفْوَ عَنْهَا اسْتِبْعَادًا يَدْخُلُ فِي حَدِّ الْيَأْسِ أَوْ غَلَبَ عَلَيْهِ مِنْ الرَّجَاءِ مَا دَخَلَ فِي حَدِّ الْأَمْنِ فَالْأَقْرَبُ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا كَبِيرَةٌ لَا كُفْرٌ. اهـ. فَالْيَأْسُ الَّذِي هُوَ اسْتِعْظَامُ الذَّنْبِ وَاسْتِبْعَادُ الْعَفْوِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَخْصُوصِ قَدْ يَجُرُّ إلَى إنْكَارِ سَعَةِ الرَّحْمَةِ فَيَصِيرُ كُفْرًا بِخِلَافِ تَرْكِ الصَّلَاةِ كَسَلًا لَا يُؤَدِّي إلَى كُفْرٍ لِأَنَّ الِاسْتِبْعَادَ قَدْ يَشْتَدُّ إلَى أَنْ يَصِيرَ إنْكَارُ السَّعَةِ الرَّحْمَةَ، وَالتَّرْكُ كَسَلًا لَا يَصِيرُ جَحْدًا لِلْوُجُوبِ. اهـ. فَلْيُتَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ مُمَيِّزًا إلَخْ) وَفِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ وَكَلَامُهُمْ يَشْمَلُ الصَّبِيَّ وَالْمَجْنُونَ فَيُسَنُّ تَلْقِينُهُمَا وَهُوَ قَرِيبٌ فِي الْمُمَيِّزِ. اهـ. وَانْظُرْ لَوْ كَانَ نَبِيًّا وَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ لَا مَحْذُورَ مِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى سم عَلَى حَجّ وَالْمَعْنَى هُوَ قَوْلُهُ: مَعَ السَّابِقِينَ لِأَنَّ الْأَنْبِيَاءَ يَتَأَخَّرُ دُخُولُ بَعْضِهِمْ عَنْ بَعْضٍ الْجَنَّةَ وَفِي سم عَلَى الْبَهْجَةِ وَقَوْلُهُ: وَهُوَ قَرِيبٌ فِي الْمُمَيِّزِ لَا يَبْعُدُ أَنَّ غَيْرَ الْمُمَيِّزِ كَذَلِكَ انْتَهَى. اهـ. ع ش وَمَا نَقَلَهُ عَنْ سم عَلَى حَجّ مِنْ قَوْلِهِ وَالْأَوْجَهُ إلَخْ وَعَلَى الْبَهْجَةِ مِنْ قَوْلِهِ لَا يَبْعُدُ إلَخْ لَا يَخْفَى بُعْدُهُ.
(قَوْلُهُ: وَبِهِ إلَخْ) أَيْ بِالتَّعْلِيلِ فَارَقَ إلَخْ، حَاصِلُهُ كَمَا فِي الْمُغْنِي وَالنِّهَايَةِ أَنَّ التَّلْقِينَ هُنَا لِلْمَصْلَحَةِ وَثَمَّ لِئَلَّا يُفْتَنَ الْمَيِّتُ فِي قَبْرِهِ وَالصَّبِيُّ لَا يُفْتَنُ.
(قَوْلُهُ: فَقَطْ) أَيْ وَلَا تُسَنُّ زِيَادَةُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي قَالَ ع ش: فَلَوْ زَادَهَا وَذَكَرَهَا الْمُحْتَضَرُ بَعْدَ قَوْلِهِ: لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ لَا يَخْرُجُ عَنْ كَوْنِ التَّوْحِيدِ آخِرَ كَلَامِهِ لِأَنَّهُ مِنْ تَمَامِ الشَّهَادَةِ. اهـ. أَقُولُ قَدْ يُخَالِفُهُ مَا يَأْتِي مِنْ قَوْلِ الشَّارِحِ وَإِنَّمَا الْقَصْدُ إلَخْ وَقَوْلُهُ كَالنِّهَايَةِ إذَا تَكَلَّمَ وَلَوْ بِذِكْرٍ لَكِنْ يَأْتِي عَنْ الْمُغْنِي مَا يُوَافِقُهُ وَلَعَلَّ هَذَا هُوَ الْأَقْرَبُ.
(قَوْلُهُ: أَيْ مَنْ حَضَرَهُ الْمَوْتُ) أَيْ تَسْمِيَةً لِلشَّيْءِ بِمَا يَصِيرُ إلَيْهِ نِهَايَةٌ زَادَ الْمُغْنِي كَقَوْلِهِ «إنِّي أَرَانِي أَعْصِرُ خَمْرًا». اهـ.
(قَوْلُهُ: أَيْ مَعَ الْفَائِزِينَ) يَحْتَمِلُ أَنَّ ذَلِكَ بِشَرْطِ التَّوْبَةِ قَبْلَ مَوْتِهِ فِيمَا إذَا احْتَاجَ إلَى التَّوْبَةِ وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ أَعَمُّ وَلَا مَانِعَ مِنْ أَنْ يَحْصُلَ هَذَا الْفَضْلُ لِمَنْ قَالَ ذَلِكَ وَإِنْ مَاتَ عَاصِيًا لَكِنَّ ذَلِكَ لَا يَخْلُو عَنْ بُعْدٍ سم عِبَارَةُ ع ش قَالَ ابْنُ السُّبْكِيّ فِي الطَّبَقَاتِ فَإِنْ قُلْتَ إذَا كُنْتُمْ مَعَاشِرَ أَهْلِ السُّنَّةِ تَقُولُونَ: إنَّ مَنْ مَاتَ مُؤْمِنًا دَخَلَ الْجَنَّةَ لَا مَحَالَةَ وَأَنَّهُ لَابُدَّ مِنْ دُخُولِ مَنْ لَمْ يَعْفُ اللَّهُ عَنْهُ مِنْ عُصَاةِ الْمُسْلِمِينَ النَّارَ ثُمَّ يُخْرَجُ مِنْهَا فَهَذَا الَّذِي تُلَقِّنُونَهُ عِنْدَ الْمَوْتِ كَلِمَةَ التَّوْحِيدِ إذَا كَانَ مُؤْمِنًا مَاذَا يَنْفَعُهُ كَوْنُهَا آخِرَ كَلَامِهِ قُلْتُ لَعَلَّ كَوْنَهَا آخِرَ كَلَامِهِ قَرِينَةُ أَنَّهُ مِمَّنْ يَعْفُو اللَّهُ عَنْ جَرَائِمِهِ فَلَا يَدْخُلُ النَّارَ أَصْلًا كَمَا جَاءَ فِي اللَّفْظِ الْآخَرِ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ النَّارَ انْتَهَى. اهـ.
(قَوْلُهُ: وَإِنْ طَالَ) أَيْ الْعَذَابُ.
(قَوْلُهُ: وَقَوْلُ جَمْعٍ يُلَقَّنُ إلَخْ) أَيْ نَدْبًا مُغْنِي وَنِهَايَةٌ.
(قَوْلُهُ: مَرْدُودٌ إلَخْ) أَقُولُ لَا مَحَلَّ لَهُ لِأَنَّهُ مِنْ الْبَيِّنِ الْوَاضِحِ أَنَّ مُرَادَ الْجَمْعِ الْمَذْكُورِ بِالْإِسْلَامِ وَالْمُسْلِمِ الْكَامِلُ (وَقَوْلُهُ: وَإِنَّمَا الْقَصْدُ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ عَلَيْهِ لَا بُعْدَ فِي حُصُولِ الثَّوَابِ الْمَذْكُورِ مَعَ زِيَادَةِ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ لِأَنَّهَا كَالتَّتِمَّةِ وَالرَّدِيفِ لِكَلِمَةِ التَّوْحِيدِ وَوَرَدَ فِي كَثِيرٍ مِنْ الْأَحَادِيثِ الِاقْتِصَارُ عَلَى لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ مَعَ الْقَطْعِ بِأَنَّ الْحُكْمَ الْمُرَتَّبَ عَلَيْهَا مِنْ النَّجَاةِ مِنْ النَّارِ وَدُخُولِ الْجَنَّةِ مَشْرُوطٌ بِزِيَادَةِ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَإِنَّمَا تَرَكَ التَّصْرِيحَ بِهَا اكْتِفَاءً بِوُضُوحِ الْمُرَادِ فَلْيَكُنْ مَا نَحْنُ فِيهِ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ بَصْرِيٌّ.
(قَوْلُهُ: الرَّفِيقَ الْأَعْلَى) أَيْ أُرِيدُهُ قَالَ ابْنُ حَجّ فِي فَتَاوِيهِ الْحَدِيثِيَّةِ قِيلَ هُوَ أَعْلَى الْمَنَازِلِ كَالْوَسِيلَةِ الَّتِي هِيَ أَعْلَى الْجَنَّةِ فَمَعْنَاهُ أَسْأَلُك يَا اللَّهُ أَنْ تُسْكِنَنِي أَعْلَى مَرَاتِبِ الْجَنَّةِ وَقِيلَ مَعْنَاهُ أُرِيدُ لِقَاءَك يَا اللَّهُ يَا رَفِيقُ يَا أَعْلَى وَالرَّفِيقُ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى لِلْحَدِيثِ الصَّحِيحِ: «إنَّ اللَّهَ رَفِيقٌ» فَكَأَنَّهُ طَلَبَ لِقَاءَ اللَّهِ تَعَالَى انْتَهَى. اهـ. ع ش.